سيطرت مراقبة موسكو على ميناء اللاذقية في شمال غرب سوريا أن تعطي السيطرة على روسيا على الساحل السوري بعد أن تسيطر سابقا على ميناء طرطوس.
كان من المفترض أن يكون هذا طبيعيا في ضوء العلاقات الاستراتيجية بين موسكو ودمشق، والدور العظيم الذي لعب الجيش الروسي في منع سقوط النظام السوري بعد تدخله المباشر في عام 2015، لكن المسألة تحمل أبعاد أخرى تتعلق بالمنافسة بين موسكو وطهران.
على الرغم من قرار الحكومة من دمشق بنقل إدارة ميناء اللاذقية إلى أحد إيراني، حال موسكو منع تنفيذ عدد كبير من الاتفاقات الاقتصادية ومذكرات التفاهم بين طهران ودمشق في عام 2017، مما أعطى الشركات الإيرانية العديد من التنازلات في مجالات الفوسفات والزراعة والغاز والنفط في سوريا.
يبدو أن موسكو وجدت في الغارات الإسرائيلية على ميناء اللاذقية فرصة مناسبة لسحب البساط من تحت إيران ووضع يديه.
قطعت الولايات المتحدة الطريق البري بين طهران ودمشق وديروت من خلال السيطرة على قاعدة التنفس على الحدود السورية العراقية. استجاب قائد قوة القدس المتأخرة قاسم سليماني، الذي اغتيل في إضراب أمريكي في 2020 يناير، بإنشاء خط إمداد بديل من خلال السيطرة على معبر البكمال، والذي تعرض أيضا للعديد من الضربات.
كما تعرض خط الإمداد بالهواء من خلال مطار دمشق للعديد من الهجمات. في مواجهة هذه الحقائق على طرق الأراضي عبر الحدود العراقية وعلى الهواء عبر مطار دمشق، تحولت عيون إيران إلى ميناء اللاذقية من أجل أن تكون خطا بديلا من الإمدادات إلى سوريا، لكن روسيا مددت يدها إلى اللاذقية لتعطيل نمو النفوذ الإيراني في سوريا وتنافسه مع موسكو.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع إيران لبناء خط أرضي يمتد من طهران إلى سوريا يمر عبر الأراضي العراقية، وبالتالي فإن إيران تنشط في تلك المنطقة لتأمين هذا الطريق وتزداد ذلك لتوفير الدعم العسكري لحزب الله اللبناني، وهو إيران الوكيل العسكري في الدول العربية. يتم تحديث أنظمة الصواريخ باستمرار، وكذلك أسطول الطائرات بدون طيار والدعم العسكري الذي يصل إلى ميليشيات أخرى في المنطقة، مثل الحوثيين والمجموعات الأخرى التي تتدرب في المخيمات اللبنانية.
أكد محمد الود الدين، الباحث في الشؤون الإيرانية، على أن مشروع جسر الأراضي الإيراني يمتد إلى البحر المتوسط لا يمكن التخلي عنه من قبل طهران بين عشية وضحاها. بدلا من ذلك، فإن الأموال والجهود التي بذلها نظام الملا ستجعلها حريصة على جني ثمار جهودها وعدم التخلي عن هذا المشروع.
وأضاف الود الدين أن الظروف الحالية التي يمر بها المشروع الإيراني في سوريا يمكن وصفها بأنها نكسة مؤقتة، لأن موسكو لم تتخذ تدابير كبيرة وصريحة ضد طهران، لكن الأمر لا يزال في عملية المساومة والتزايد على المكاسب في سوريا.